الشاعر والكاتب الساخر وجيه عباس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشاعر والكاتب الساخر وجيه عباس

AWLAMA BELDHN ALHUR
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مزايدات على مذبح عقيل علي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 24/09/2007

مزايدات على مذبح عقيل علي Empty
مُساهمةموضوع: مزايدات على مذبح عقيل علي   مزايدات على مذبح عقيل علي Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 25, 2007 11:43 am

(الى باسم السعيدي الذي كفر بالاصنام)

صديقي عبد اللطيف الحرز،المواطن الشائك،كمن يحمل في يده اليمنى نارا يوقد بها الحرائق،وفي اليد الثانية يحمل ماء في (طاسته المباركة) لإطفاء الحرائق..... لكن بعد أن يتأكد ان الجميع(وأؤكد الجميع) قد شم رائحة الجلود المحترقة،وفي أكثر الاحيان،عادة مايملأ طاسته بالوقود ليزيد روما نيرانا تأكل الأخضر فالأخضر بسعر اليابس،لكنّه (خوش أوحيّد) على حد تعبيرجاك دريده بيده.
حين أسقط الله صنم بغداد بيده الامريكية( هل يستطيع القرضاوي باشا إتهام الله بالعمالة لامريكا!)،ضغط الله باليد الأخرى على زر تشغيل عراقيي الداخل بعد أن نسينا ذكر الله فأنسانا أنفسنا، إلى أن أكلنا التراب في مخازن بني البشر،كنا كمن يخرج من أقدم مرحاض أثري،دورة مياه مكبسلة،حتى الماء لم يسلم من الصدأ،لقد زنجر الماء ياأخوتي،وأشهد أنني رأيت الملح يرقص في المحراب بعد فساده،(إنسلتنا) إلى الحضارة مثل شَعْرَة بين فكي عجين متيبس إلى رغيف العالم الحار الذي تفوح منه رائحة الانترنت والمو...بايل،حتى وصل الحد الى بعضهم (وانا منهم بالطبع) إلى إدخال الهاتف معه إلى المرافق الصحية ليهزأ من كلمة(مو....بايل) فيقول(نعم.. نعم انا...بايل) لكن المشكلة يااخوتي في الرضاعة الطبيعية حينما تضع نغمة الهاتف لطمية حسينية فهذا يضعك في حكم الاحوط وجوبا وعلى كراهية شديدة الى ان تصل حد الحرمة وتكفيرك وذبحك مثل أي خروف لايوجد فيلسوف للدفاع عن جزّته وصوفه.
حين دخلنا زريبة الحضارة،كانت شاشتها لاتتسع لعيوننا الفاغرة،كنّا نريد إلتهام العالم بلقمة واحدة،أو قل بنظرة واحدة،فالعالم يشكو من الترهل،والعراق يكتب بفقر الدم على وجوه بنيه معلقته الأخيرة.
في ضفتنا ، القائد الرمز،بينما كان قاع المدن الخارجة من سطوة خصيتيه المباركتين،يرقد فيه ألف رمز بانتظار دوره على مسرح الضحالة في الضفة الاخرى،كانوا هم المتن المقدس،ونحن كعادتنا،هامش إبطيز هامش(يعني هامش وراء هامش)،دخلنا عشيرة الانترنت،سجّلنا أنفسنا في سجل عشائر الألفية الثالثة وقلنا (باسم الانترنت الرجمن الرجيم.....إنتر ياسمسم) يآآآآآآآآه كم حرمتنا إصبيحة طلفاح من حسنات المايكرسوفت!!
( ياعبد اللطيف الحرز،ياصاحبي، هل سمعت بثورة الفرمتة؟)
كنّا منغوليين،لم تتحرك صخرة كهفنا،لأن (سرّ الليل)الذي كان تحمله حناجرنا،لم ننطقه بالعراقي،فالـ (إنتر) تعني فيما تعنيه(انتر ميلان،انتر نابولي،وعنتر سبعين،وأنتر بن شداد،وانترنيت،وانتربيت،وانتــ انت ولاانتش داري...انت انت نعيمي وناري...) لم تتحرك الصخرة لأن الصوت لم يحمل بصمة الصوت العراقي ،بل حملت صمته الكبير.
كنّا محرومين من قواطي البيبسي والموز والستلايت(أمّا الأناناس والفراولة والكيوي فهي في غيبتها الصغرى)،أما أنا فكنت من حملة سارية الذين في قلوبهم غرض إبتغاء كشف الملابس الداخلية لعالم مابعد حداثة اللبسان.
كان موقع(كتابات) قميصي الاول في الدخول الى معمعة ذي النورين في شبكة النت،وعلى ارضها الكربلائية تعرفت على أسماء حملتها بين اهدابي،وكان منها النمر الشائك مثل أسلاك امريكا المعوية التي تخدش جلد وطني صباح مساء....عبد اللطيف الحرز.
كانت المواقع العراقية أشبه ماتكون بالحمّامات العامة،وكان أصحاب المواقع هم أصحاب الحمّامّات،والكتّاب أشبه مايكونوا بالمدلكين(خوش شغلة خصوصا في الحمّامات النسائية)،ولاحياء في الغسل،كلٌّ يحمل ليفة الكاتب الضرورة وصابونته وطاسته لينتف صاحبه نتفا،ويهلسه خمسا،لكننا نحن المريدين الجدد،دخلنا الى الحمّام قبل انتهاء الفيلم بقليل،كنا مثل (عقيل علي)،كوكتيل من الأمراض المزمنة،وحين خلعنا ملابسنا ، وقلنا (نعوذ بالحمّام النظيف من كل حرز لطيف)،هجم علينا المدلكون الرئيسون في المنطقة الزرقاء،فوقفنا مثل الثولان ننظر ولانملك سوى عيوننا.
( ياعبد اللطيف الحرز،ياصاحبي، هل سمعت بثورة الفرمتة؟)
قبل ايام ياعبد اللطيف(ولايهونون الجماعة)،زرت أمي العلوية،وبتُّ تلك الليلة عندها(على عناد زوجتي)،خرجت صباحا الى الصحيفة بعربانتي(طبعا سيارتي القديمة الطايح حظهه ولاأقصد أي شيء آخر وداعتك!)،كان الشيء الوحيد الحي في السيارة،أنا وفيروز،كنت أتصور نفسي راشدي أباظة وتجلس بقربي صاحبة الصون من غير عفاف ،فيفي عبدة(والله ياعبد اللطيف حين أنظر الى فيفي عبدو وهي ترقص أرى التاريخ العربي يهز مؤخرته أمامي
...... ( عهدير البوسطة ... اللي كنت ناقلتنه .........
تذكرتك يا عليا ............. واتذكرت عيونك ............
يخرب بيتك أيها الوطن شبعنا منك قنادراً على رؤوسنا وما زلنا نعبدك

أنا لا أحب سوى العراق وانني *** أدري بأنك يا عراق ضرام
أدري بأن العشق فيك محللٌ *** واذا هويت الكادحين حرام
أدري بأن الجوع يملأ أوجهاً *** سوداً ووجه الظالمين وسام
حملوك سقطاً إذ حملتك كعبة *** ورأيت أنك يا عراق إمام
وبأن شبراً فيك أكرم بضعةٍ *** من جنة الرحمن حين تسام
فعلام يا وطني وجدتك راعياً *** وبنوك بين ذئابهم أغنام
وعلام يا وطني وجدتك سيداً *** وبنوك في أم القرى خدّامُ
وعلام تطلب بالحسين خلافة *** اذ كربلاءك كلها استسلام
أمجوَّعون بنوك في ساحاتهم *** والهاشمية ذلَّةٌ والشام ؟

كنت في الشارع المحاذي للخط السريع ، وكان هناك رتل أمريكي يسير مسرعاً ، فجأة انفجرت عبوة ناسفة في منتصف الخط السريع (شلخت) الهمر شلخاً ، فجأة توقف الزمن هناك، كل السيارات توقفت خشية أن تصيبها فيروز عفواً المارينز بطلقات الصباح ، لأنهم يرمون أية سيارة تتحرك لإتهامها بتفجير العبوة الناشفة .
( هل تحب النواشف يا عبد اللطيف ؟ أم نسيت الباذنجان الذي ركض معنا ركضة "عويريج" )
بهدوء أخف من حرامي البيت وأثقل من مقالتك على قلبي مددت يدي للمسجل وقلت لها (سيدتي فيروز يروح الأمريكان فدوه .... لحنجرتك علينا أن نصمت لأن العبوة أخلَّت باللحن فصمتت ....)
كان كل شيء حولنا يحيض بالخرس والشوارب ترتجف كان العميد الركن عزرائيل يرتدي السترة الواقية ضد العراقيين وبإنتظار أن يطلق عليهم حرسه الشخصي مثل أي إطلاقة عمياء ..تبحث عن لحمٍ مخللٍ بالدم ، فاللحم العراقي أصبح طرشي مائدة العالم الطامث الباحث في الـ( كَوكَول) عن تحليةٍ في هذا الزمن المر، لقد صمتت الألوان في اللوحة يا صديقي ، تحركت أول سيارة فتحركت عربانتي ( أصر على أنني أقصد سيارتي للمرة الألف !!) حينها غنت فيروز وعدت للغناء معها بفرحٍ بعد أن نشفت العبوة الناسفة دهني في طاوة الموت .
( يا عبد اللطيف تشغلني الطاوة العراقية السوداء ، هذا الشيء الذي دائما ما يتمدد الى الأسفل حتى تصبح حدبته مثل العراق ، السواد يحيط بها من جانب حتى عروتها الوثقى المغمسة بدهن الراعي ، لكن قلبها ابيض مثل قلب علي بن أبي طالب ، أما طاوة المنافي فهي مثل ظهور عشيقاتكم ، تيفال x تفال ) .
في كل ما كتبت (وحصة الأسد منها كانت في موقع (كتابات) الذي خرجت منه بعد قضمت تفاحة غير مخصصة للقضم كنت الشاهد على هذا الخراب والساخر من كل شيء ، لم أتقمص دور البطولة لأستأهل ما كتبته عني ( عفية وجيه ......لا نامت أعين الجبناء .......... عفية وجيه ............. هيج هيج من فلان وفلان ).
كنت الشاهد فقط فيما جرى ويجري وهذا حسبي ، لم أنتظر كلمة (عفية) من أحد ولا أنتظرها ، فأنا شاعر أهم مني كاتباً ساخراً ، لكنكم تنظرون الأمر بالمقلوب وهذا حسبكم .
الآن لندخل سوية الى طاوة عقيل علي يا عبد اللطيف الحرز ( وأنا أعتذر لنفسي أولاً لأنني ظلمتها والله يا صديقي ) فقد أحزنْتني جداً وأنت تعريني أمام القرَّاء لالشيء سوى انك استبدت بك شهوة الكتابة لسبب بسيط أنت كتبته ( أعمل على النقد الفلسفي أساساً وهذا يحولك قطعة باردة تتلقى الأمور بجمود ) لقد صدقت يا عبد اللطيف ، واهنئك على برودتك التي ربما وصلت اليك عن طريق دراجتك المائية المسرعة ومساعدة أصدقاءك وصديقاتك حفظهن الله لك ولما تحت سراويلك فهم الذين لهم الدين الأكبر في أعناقنا لأنهم أنقذوك من ميتة باردة في فم قرش استرالي مراهق .
ولكنك نسيت يا لطيف أن عقيل كان ينام وهو مطمئن أن ( قروش ) الدنيا تمر أمامه وتعف أن تلتهمه ، لأنه وبكل بساطة لايملك أي قرش في جيوبه ، لم يكن يملك سوى عقيل علي فقط .
في مربد 1999 حضرتُ مساء الى فندق ميليا المنصور لرؤية أصدقائي ولدى وصولي الى باب الفندق شاهدت شرطة الأمن وهم يدفعون عقيل علي (وكان مخموراً) الى الخارج بأمر الشاعر حميد سعيد وكيل وزارة الثقافة كما سمعت حينها ، طردوه كأي متسول سلَّمت عليه أخذ يشتم الجميع وبيده عكازه ، وذهب ، في اليوم الثاني عصراً دلفت الى مقهى حسن عجمي (وأنا الشاهد يا عبد اللطيف) كان عقيل جالساً بجنب شاعر مغربي لا أعرفه ، لكنه كان ضخم الجثة ويحمل حقيبة تعلق بالكتف ويلبس نظارة طبية ( ثق لو أني أعرف من كعب أي بُطْلٍ صنعت في الدار البيضاء لقلت لك ) هتف عقيل حين دخلت المقهى :- سيد وجيه قلت له – ها عقولي- " [ أنا أسمح لك يا عبد اللطيف أن تفلسف هذه الكلمة وتعيدها الى المبحث الفقهي الخاص بتقعيد الأسماء حسب حروف العلة التي ربما سيحولها ذهنك الحاد الى خروف العلة مثلي فانا وانت نحمل صفة (( مسودن بامتياز )) ] - رفع في وجهي نسخة واحدة من ديوانه " جنائن آدم" والله يا لطيف وروح أخوك المرحوم محمد وروح أمك التي أترحم عليها انها أنجبتك كانت عيناه مملوءتين بالدمع وكأني أراه الآن .. فقط رفع الكتاب في وجهي كان عقيل بأنفه المدبب منتفخ ومتكبر هذه المرَّة الوحيدة التي رأيته فيها هكذا ، وكان ذلك المغربي الضخم أشبه بالعصفور وهو يتودد له . هذا عقيل الذي أعرفه يا عبد اللطيف ، قبَّلته وقلت له – هم يتشرفون بك ، ولست أنت من تتشرف بهم – .
كانت تلك الصورة الوحيدة التي أثبتها من آلاف الصور التي رأيت عقيل فيها ، وحينما رأيت صوره في مقالة كمال سبتي لم أصدقها حتى وصلت اليه :-
( أريد أن أعتذر أمام القراء ((( وبشرف ))) للشاعر العراقي كمال سبتي عن كل حرف أسأت فيه اليه وكل حرف أساء لي فيه فأنا من ابتدأت فوالله ان هذا الانسان النبيل ضمير يمشي على خرائط المنفى العراقية مهما قال أعداؤه أو اصدقاؤه
، ويكفي أنه كان الاصبع التي أشارت الى تفاهتنا جميعاً [ لا أدري هل ستحسب ذلك يا عبد اللطيف جلداً للذات ؟ وتتحول الى نمر كاسر لشرح فلسفة الاعتذار الذي زاد طينك بلة حين سبقته بكلمة ( مجرد ) المجردة من كل انسانية ؟ ]
كتب الكتاب والشعراء شهاداتهم عن عقيل لم أتجرأ أن أكتب وهو حي يمشي أمامي ويزورني في الجريدة قبل يومين من موته ، لم يكن لي حق النطق بشهادتي أمام الجميع ، لم أزايد على كرامته ولم أكتب حرفاً واحداً سوى التعقيب الأول على مقالة كمال سبتي ، لكن حين مات عقيل علي ، كنت يدكم ورجلكم ، لم أفعل الا ما يفعله أحدكم لو كان مكاني ، لم يحضر سوى هذا الانسان الذي يمشي على عكاز – ناظم السعود – وأنا أسأل هنا هل حضر اي شخص ومنعته من الحصول على كلمة عفية يا عبد اللطيف ؟ فعلت ما باستطاعتي فعله من غير منَّةٍ وحين عدنا من التشييع ذهبت الى مقهى الانترنيت ولا أدري والله ماذا أنزلت أصابعي على الكي بورد الأحدب مثل طاوة مطبخي .
الشيء الوحيد الذي كنت متأكداً منه :- أنا حزين .
في اليوم الثاني وصلتني رسائل كثيرة من بني الانسان تشاركني حزني ذهبت الى المقالة وجدتني قد نطقت بشهادتي (لك أن تصدق أو تجعلني في خانة المنافقين ، انا لا يهمني ذلك ) أنا حزين لنفسي انني كتبت ما كتمته عن الكل واعتذر من عقيل ان كانت لي ذرة من نفاق وانا أحمل جثته من الثلاجة لتفتيشها ، أعتذر لجثته أنني أخرجت قصيدته الأخيرة منها أعتذر لتابوته الذي حملته بيدي وأصعدته الى السيارة ، اعتذر لأخي عقيل وأنا أدفع رشوة لموظف الطب العدلي لتسريع تشريحه لأنه كان يجهل التقطيع الشعري فانا كنت خصيمه في الشعر أعتذر لعقيل انني جلبت القطن والنايلون لتغليف جثته خشية أن يتلوث التابوت بدمه (والله لم يكن بداخله دم ، لم يكن سوى جلد وعظم تفيدان صنع راية ترفرف على استراليا ) أعتذر لكم اصدقائي لأنني على ما يبدو أتلذذ برثائكم أعتذر لأحمد آدم صديقي الذي لم أستطع الكتابة عنه خجلاً من الموقف الذي وضعني فيه الحرز ، فقد جمدت يدي عن الكتابة لكم أيها العاقّون حتى بموتكم ، لم يكن لي يد بموتكم أيها النائمون وانتم مغمضو الأعين .. لم أطلق عليكم كلاب حروفي لتنهش ذكراكم وانتم تتنعمون بضيافة الله وناره الأكرم منا جميعاً ، أعتذر لكم اخوتي لأنني نظرت الى عقيل نظرة الانسان أولاً .. لم أتحمل مثلكم الصمت ، هكذا خلقني الله ، فأعذروني ان قسوت عليه وأدخلته الى الحمّام وكتبت ذكرياته عارية أمامكم ، أعتذر للحذاء الذي ألبسته قدميه لأن عبد اللطيف استكثر عليَّ وعليه ذلك ، فأقدام العالم حافية وتطأ المسامير وانا أُلبس عقيل حذاءه الجديد .
أعتذر لعبد اللطيف الحرز الذي تصور أن الميت ليس عقيل علي بل تصور نفسه ميتاً ونظر كيف يتلمظ الكتّاب بنتف ريشه في حمّام الفضل في استراليا ، وهو لا يملك الدفاع عن نفسه ، أعتذر لعبد اللطيف الحرز وأشهد أمامه انني كنت مع القتلة الذي قتلوا عقيل علي ومشوا في جنازته ، فقد كان ناظم السعود يتقمص شخصية بروتوس وهو يطعن عقيلوس علي ( لا أدري كيف تلفظ علي باليونانية ) ولكن ما ذنبنا ان كنّا لا نحسن فلسفة الموت ؟ وماذا يجب أن يقال فيه ؟ كنا لانملك سوى الدموع لفراق الطائر الأخير الذي تيبس في عشه ، فنحن معدان وقرويون لا نحسن الا شق الجيوب ولطم الخدود ، هكذا خلقنا الله من طينة محمد ودمع علي ومزجها بيديه الكريمتين ( ثق يا عبد اللطيف أحس أن الله عراقي ) فلا تلومونا ولا تحملونا ما لا طاقة لنا به ، لكن أطمئنكم جميعاً اننا حين مررنا بجنازته في السوق شممنا رائحة المشمش والتفاح فرأيت روحه تأخذ من صنف اثنين (مزّةً ) ويضعها في سفينة نوحه ليشرب كأسه الأخيرة في المقبرة .
أعتذر لهذا الوطن الذي اغتنمنا فيه فرصة موت عقيل علي لنبصق بوجهه بصقة المذبوح قبل أن تحز السكين عنقه ، أعتذر لهذا الوطن الذي شكّل موت عقيل علي فيه فرصة للارهابيين والقتلة أن يفجروا السيارات المفخخة لانشغال الجميع بالكتابة عن عقيل علي ، وشكراً لعبد اللطيف الحرز الذي ذكَّرنا بعبارته ((نحن نتشاجر على كل شيء من اجل لاشيء .. نحن شعب توجد فيه طبقه من الناس مسيكنه جداً ومسالمة اكثر من حمام الكاظم وجواميس الاهوار .. لكن لدينا صنف من الناس لديهم استعداد لكتابة تقرير الموت وحتى لو لم يتم ترفيعنا او منحنا المكرمات .. الكتابة لذة لوحدها , وهذا يكفي ..)) فقد آمنت أنني كنت أبيع حمام الكاظم الى مقاتلي الاهوارعلى ظهور جواميسهم الآمنة المطمئنة في مناقعها وهم يعبرون الحدود لاغتيال عقيل علي !!
أعتذر لمطعم حبايبنا على طشت العمبة الذي تفجر في وجوه الدوارة في الطالبية وللفلافل صمون أهلي وهم يوزعونه حارّاً على روح عقيل علي ، أعتذر وأنا الفقير الحقير البائس المسكين المستكين لكل من شغله موت عقيل علي عن اكمال الخطة الخمسية لبناء العراق المكَرود ، أعتذر لجلجامش الفطير ولأنكيدو التافه اللذين جعلا الالهة عشتار تبيع شرفها لدى حسنة ملص من أجل البكاء على عقيل علي .
أعتذر لهذا الوطن الذي يهرب ناريَّتَه بوايراته المكشوطة التي لا تكفي لاضاءة مصباح صغير على قبر عقيل علي ، أعتذر لحزن عبد اللطيف ودموع عينيه التي نشفت على نبيل وهو يغرق في تايتانيك العراق فلا يوجد لدينا مخرج مثل سبيلبيرغ لاخراجه من بحر الغربات .. أعتذر لعلي بن أبي طالب والحرز يصفه بأنه ينهش في ليلة الهرير لحم أعدائه ، أعتذر عن عمامة الجواهري التي رماها في الكنافة لان السكر أغلى من الشاي والحمد لله انه لم يرمها في الكناسة خشية تجمع ذباب عقيل علي عليها .
صدقني يا عقيل علي لو جمع الكتّاب المبالغ التي صرفوها في الكتابة عنك وأرسلوها اليك لما نمت الا في فراش وثير يا صديقي الذي يلتحف تراب النجف الآن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wajeeh.3oloum.com
 
مزايدات على مذبح عقيل علي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر والكاتب الساخر وجيه عباس :: وجيه عباس والعراق :: عولمة بالدهن الحر-
انتقل الى: